«باسم لبنان والعسكريين المختطفين ودماء الشهداء الأبرار وباسم أبطال الجيش العظيم أطلق عملية فجر الجرود». بهذه الكلمات عبر موقع «تويتر» التابع للجيش أعلن قائد الجيش العماد جوزيف عون عند الخامسة من فجر السبت 19 آب 2017، بدء عملية تحرير جرود رأس بعلبك والقاع من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي.
وبعد ساعة على بدء المعركة، إنتقل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى قيادة الجيش واطلع على سير العمليات العسكرية من العماد عون. وتابع نقلاً مباشرًا لوقائع تحرك وحدات الجيش في المنطقة واشتباكها مع المجموعات الإرهابية، ثم أجرى اتصالاً هاتفيًا بقائد الجبهة في حضور رئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملاك وعدد من كبار ضباط القيادة، وقال: «أنا معكم، أتابعكم من غرفة العمليات، عقلنا وقلبنا معكم. أحييكم ولبنان بأسره يتطلَّع إليكم، وينتظر منكم تحقيق الانتصار. أحيي كل عسكري يقاتل، وأنا على ثقة أن آمال اللبنانيين لن تخيب. كل شيء يجري بشكل جيِّد، وإن شاء الله تستمر معركتنا من دون خسائر مهما كانت الظروف. وسنبقى معكم طوال الوقت. حماكم الله».
بعد أربع ساعات على إطلاق العمليات العسكرية، عقد مدير التوجيه في قيادة الجيش العميد علي قانصوه مؤتمرًا صحافيًا شرح فيه «مجريات القتال البري» وقال إنّ “الوضع الأمني ممسوك في الداخل، وقد دخلنا المعركة ونحن متأكدون أننا سنربح. ولا تنسيق بيننا و”حزب الله” أو القوات السورية، ولا خوف على أولاد المنطقة أبدًا والمنطقة معنا ولبنان كله معنا”.
وتفقّد قائد الجيش العماد جوزيف عون قبل ظهر اليوم التالي، الوحدات العسكرية التي تواصل تنفيذ عملية فجر الجرود حيث زار غرفة عمليات الجبهة واطلع من قائدها وقادة الوحدات الكبرى على سير العمليات العسكرية، ثمّ جال في المراكز التي تمّ تحريرها من تنظيم «داعش» الإرهابي، والتقى الضباط والعسكريين واطلع على أوضاعهم وحاجاتهم، مزوِّدًا إياهم التوجيهات اللازمة، ومتمنيًا الشفاء العاجل لرفاقهم الجرحى.
بيانات الجيش
وأفادت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان، أن «وحدات الجيش واصلت لليوم الثاني على التوالي من عملية فجر الجرود، هجومها ضدّ ما تبقى من مراكز تنظيم داعش الإرهابي في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، … ما جعلها تسيطر بالنار على أقسام واسعة من المناطق المحاذية للحدود اللبنانية – السورية. وقد استشهد خلال العمليات العسكرية ثلاثة عسكريين من الجيش وأصيب عسكري رابع بجروح بليغة نتيجة إنفجار لغم أرضي بآلية عسكرية، كما أصيب عسكريين اثنين بجروح غير خطرة في أثناء الاشتباكات.
الرئيس العماد عون يتفقّد العسكريين الجرحى
ويوم الإثنين 21 آب 2017 تفقَّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الجرحى العسكريين الذين أصيبوا في عملية «فجر الجرود» واطلع على أوضاعهم واطمأن إلى صحتهم، واستمع منهم إلى ظروف إصابتهم. وأعرب عن تمنياته للجرحى بالشفاء العاجل، محييًا تضحياتهم، ومقدرًا إستشهاد رفاق لهم في سبيل تحرير الأراضي اللبنانية الحدودية من الإرهابيين.
وحيّا المعنويات العالية التي لمسها لدى العسكريين الجرحى، وقال لهم: «كل عسكري يذهب إلى الجبهة يضع احتمالات النصر كما الاستشهاد لأنه مؤمن بأن ما يقوم به هو مهمة وطنية سامية، وهذه الروح العالية والايمان القوي والوفاء للقسم كلها عوامل تصنع الانتصارات، وما فعلتموه مع رفاقكم خير دليل على ذلك». وأضاف: «لم تفاجئني معنوياتكم حين تمنيتم أن تشفوا سريعاً لتعودوا الى الجبهة، فهذا هو جيشنا، وهؤلاء هم أبطالنا».
وواصلت وحدات الجيش استهداف مراكز تنظيم داعش الإرهابي بالمدافع الثقيلة والطائرات، فيما قامت وحدات الهندسة بتنظيف المناطق المحرّرة من الألغام والعبوات والأجسام المشبوهة، وفتح الثغرات في حقول الألغام أمام الوحدات الأمامية، استعدادًا لتنفيذ المرحلة الأخيرة من عملية «فجر الجرود» وفق الخطة المرسومة من قيادة الجيش.
الرئيس الحريري في الجبهة
«مثلما وعدناك وفينا». عبارة استقبل بها قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في رأس بعلبك. ومن ثكنة فوج الحدود البرية بدأ دولة الرئيس جولته الميدانية على الجبهة بدءًا من غرفة العمليات العسكرية وصولاً إلى المواقع والخطوط الأمامية حيث تفقَّد سير التطورات على أرض المعركة وعاين محاور القتال والمناطق المحرّرة من «داعش»، ليعبّر بفخر واعتزاز عن تقديره الكبير لتضحيات العسكريين وإنجازاتهم في الميدان: «الجيش اللبناني هو وحده من يقوم بهذه المعركة وسينتصر فيها وسنرى العلم اللبناني مرفوعًا على كل الحدود».
وعن الجولة التي التقى خلالها ضباط المراكز الميدانية وعناصرها مطَّلعًا على أوضاعهم واحتياجاتهم ومتقاسمًا وإياهم «سندويش» الغداء، وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده في ثكنة رأس بعلبك، شدَّد رئيس الحكومة على كون المعركة «وطنية بأعلى مستوى»، وقال: «هذا الجيش رفع رأسنا ونحن نريد له أن يقوى والحكومة ستستثمر فيه لأننا نريد الدولة لوحدها أن تقوم بالمهام الأمنية». وخاطب العسكريين بالقول: «الانتصار قريب وأنتم من يقرِّر موعده لأنكم تعلمون متى يجب أن تنتهي العملية». وأكَّد العمل «بصمت» لجلاء مصير العسكريين المخطوفين باعتبار «لا الجيش ولا الحكومة سيتخليَّان عن أي مخطوف».
رابطة قدماء القوى المسلَّحة اللبنانية: تأييد وتضامن
سارعت الرابطة إلى إعلان تأييدها وتضامنها مع رفاق السلاح واستعدادها الدائم للوفاء بالقسم الأبدي ذودًا عن لبنان. ومما جاء في بيان صادر عنها:
باسم لبنان والعسكريين المختطفين ودماء الشهداء الأبرار، وباسم أبطال الجيش اللبناني العظيم، أطلق العماد جوزيف عون قائد الجيش اللبناني عملية فجر الجرود في إطار الحرب على الإرهاب لتحرير العسكريين المختطفين واستعادة الأرض في جرود القاع ورأس بعلبك من مغتصبيها.
إن رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية ووفاءً بالقسم الذي يجمع إلى الأبد المتقاعدين العسكريين برفاق السلاح في الجيش اللبناني، تعلن أنها تقف إلى جانب جيشنا البطل، وتتضامن مع قيادته الحكيمة واضعة نفسها بتصرفها فيكون لها شرف مشاركة أولئك الأبطال في عملية فجر الجرود في التضحية وفاءً، ولو بقدر يسير، للبناننا الحبيب.
إن الرابطة تنحني إجلالاً أمام شهداء جيشنا، وتُكبر تضحيات جرحاه متمنية لهم الشفاء العاجل، وتحيِّي أبطال الجيش.
وإلى موعد قريب مع النصر إن شاء الله.
وتحققَّ النصر …
وعلى مدى اسبوعين متتالين من بدء المعركة ضد الجماعات الإرهابية وفي صباح السابع والعشرين من آب 2017، وبعد اتصال من المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بقائد الجيش لإعلامه بموافقة الإرهابيين على شرط كشف مصير العسكريين المخطوفين، عمدت المؤسسة العسكرية إلى وقف العمليات حرصًا على جلاء الحقيقة في هذه القضية وانطلاقًا من تفضيل «ربح المعركة من دون خوضها»، وأعلنت قيادة الجيش ـ مديرية التوجيه في بيان، عن «وقف لإطلاق النار إعتبارًا من تاريخه الساعة 7:00، وذلك إفساحًا للمجال أمام المرحلة الأخيرة للمفاوضات المتعلِّقة بمصير العسكريين المختطفين». هذا الاعلان جاء بعد التوصل إلى اتفاق غير مباشر مع عناصر «داعش»، قضى بمطالبة هؤلاء بالانسحاب باتجاه الأراضي السورية وذلك بفعل الضربات والهزائم التي تلَّقوها على يد الجيش منذ الإعلان عن معركة «فجر الجرود». لكن الجيش طالب بأن يكون هذا الطلب، مشروطًا بحصوله على معلومات يُمكن الكشف من خلالها عن مصير العسكريين المخطوفين، وإلا فأنه سيواصل ضرباته للجماعات الإرهابية.
وأصدر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بيانًا جاء فيه: «إذا كان اليوم (28 آب) هو يوم لانتصار لبنان على الإرهاب وطرد تنظيماته، فإنه أيضًا يوم لتحية قيادة الجيش التي تحمّلت مسؤولياتها بكل جدارة واستحقاق وخاضت واحدة من أشرف المعارك الوطنية، ويوم لتكريم الشهداء الذين سطَّروا بدمائهم صفحة مجيدة من صفحات الدفاع عن لبنان وشعبه وسيادته». وأضاف: «إنّ الحكومة اللبنانية، وبعد التداول مع فخامة الرئيس العماد ميشال عون، ستُعلن يوم حداد وطني فور التأكد من نتائج فحص الحمض النووي للجثامين الثمانية، ويوم تضامن مع الجيش ومع أهالي الشهداء الذين قدَّموا على مدى أشهرٍ طويلة نموذجًا للتفاني والصبر وإرادة الصمود في وجه المِحنة»، ليختم قائلاً: «رحم الله الشهداء وحمى لبنان وشعبه وجيشه».
قائد الجيش في أمر اليوم: الثقة بالوطن أصبحت أكثر جلاء
وأعلنت قيادة الجيش في بيان، أنه «لمناسبة انتهاء عملية «فجر الجرود»، أقيم احتفال عسكري رمزي في مبنى وزارة الدفاع الوطني في اليرزة، ترأسه رئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملاك ممثلاً قائد الجيش العماد جوزيف عون، وحضره نواب رئيس الأركان وضباط أجهزة القيادة. وتلا رئيس الأركان أمر اليوم الذي وجهه قائد الجيش إلى العسكريين في المناسبة والآتي نصه:
أيّها العسكريون
اليوم، وبعد أن أنهيتم عملية “فجر الجرود” التي حقّقتم فيها انتصارًا حاسمًا على الإرهاب بطرده من جرود رأس بعلبك والقاع، ورفعتم علم البلاد خفّاقًا فوق قممها وتلالها، تعود هذه المنطقة العزيزة إلى كنف السيادة الوطنية، معمّدةً بدماء رفاقكم الشهداء والجرحى وبعرق جباهكم الشامخة.
إلاَّ أنّ ما يعزّ علينا في هذا الانتصار، هو النهاية الأليمة لمصير رفاقكم الشهداء المخطوفين، الذين عانوا ما عانوه من وحشية إرهابٍ مجرمٍ حاقد، لا يقيم أيّ وزنٍ للشرائع السماوية والإنسانية والأخلاقية. فباسمكم أتوجّه بأحرِّ مشاعر التعزية والتضامن لأفراد عائلاتهم، وأقول لهؤلاء الأبطال: “لقد كنتم حاضرين في وجداننا وستبقون، لن ننساكم أبدًا”.
أيّها العسكريون
إنّ هذا الإنجاز الباهر في مسيرة الجيش، الذي صنعتموه بكفاءتكم القتالية وبروح البطولة والشجاعة التي رافقت خطواتكم في الميدان، قد طوى مرحلةً أليمة من حياتنا الوطنية، كان يجثم فيها الإرهاب على جزءٍ غالٍ من ترابنا الوطني. فتحيتي المخلصة لكم ضباطًا ورتباء وأفرادًا، شاركتم في صنع هذا النصر، وتحيتي للشعب اللبناني الأبيّ الذي التفّ حولكم بكلّ مكوّناته ومناطقه، ومنحكم ثقته التي لا تقدر بأيّ ثمن، وتحيتي الكبرى لشهداء الجيش وجميع شهداء الوطن، الذين استرخصوا دماءهم وأرواحهم في ساحات الشرف والبطولة، ليشرق فجر الانتصار.
أيّها العسكريون
إذا كانت الثقة بالوطن أصبحت أكثر جلاءً، والأمل بالانفراج الواسع بات أكثر وضوحًا، فلا تزال أمامكم مصاعب وتحديات، تتمثل بالعدوّ الإسرائيلي الذي لا يزال يتربّص شرَّا بالوطن على الحدود الجنوبية، وبخلايا إرهابية قد تطلّ برأسها كلّما تهيّأت لها الفرص، لذا كونوا دائمًا بالمرصاد لهذه الأخطار، متأهبين للقيام بكلّ ما يمليه عليكم الواجب العسكري، دفاعًا عن الحدود اللبنانية وعن كلّ شبرٍ من تراب الوطن.
كما أقيمت احتفالات مماثلة في قيادات المناطق والقوات الجوية والبحرية والمدارس والمعاهد والكليات والمواقع والألوية والقطع المستقلة.
الرئيس عون: لبنان انتصر على الإرهاب وكان نصره كبيرًا ومشرِّفًا
من اليرزة إلى بعبدا انتقلت فعاليات النصر ليتوّجها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بإطلالة على اللبنانيين ليزف إليهم «انتصار لبنان على الإرهاب» ويدعوهم إلى «أن يفاخروا بجيشهم وقواهم الأمنية». وتوجَّه بالتهنئة إلى قيادة الجيش والعسكريين «صانعي هذا النصر». وأضاف القائد الأعلى للقوات المسلحة مخاطبًا «اللبنانيين والعالم» بفخر واعتزاز: «لبنان انتصر على الإرهاب وكان نصره كبيرًا ومشرِّفًا، هذه البقعة (الحدودية) التي كانت بؤرة للإرهاب ومنطلقًا للعمليات الانتحارية عادت إلى حضن الوطن بفضل الجيش اللبناني الذي أثبت في هذه المعركة النظيفة أنه الجيش القوي، الجيش الوحيد الذي استطاع هزيمة داعش وطرده من أرضنا، وتميّز بمستوى قتال مهني لفت أنظار العالم»، داعيًا المواطنين إلى ألا يسمحوا لأجواء «التشنجات السياسية والتجاذبات التي سادت في الأيام الأخيرة» أن تنسيهم إنجاز الانتصار الذي حققه جيشهم.

العماد عون يعلن الإنتصار في معركة فجر الجرود من القصر الجمهوري
ثم ألقى قائد الجيش العماد عون من منبر القصر الجمهوري كلمة استعرض فيها مسار العملية العسكرية ومراحلها منذ فجر 19 آب وحتى انتهاء «فجر الجرود»، مشيرًا إلى أنّ المعركة بدأت بمرحلة تحضيرية شملت تضييق الخناق على المسلَّحين قبل أن تنطلق «الساعة صفر» بمراحلها الثلاث ميدانيًا «فكان الإرهابيون في وجهنا إما أن يُقتلوا وإما أن يفروا باتجاه الأراضي السورية»، ليحين موعد بدء المرحلة الرابعة والأخيرة من المعركة التي كان مخططاً لانطلاقها عند الساعة السابعة من صباح يوم الأحد الفائت من خربة داوود إلى وادي مرطبيا، غير أنّ اتصال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بقائد الجيش لإعلامه بموافقة الإرهابيين على شرط كشف مصير العسكريين المخطوفين دفع بالمؤسسة العسكرية إلى وقف العمليات حرصًا على جلاء الحقيقة في هذه القضية وانطلاقاً من تفضيل «ربح المعركة من دون خوضها». وإذ أكد تحقيق هدف تحرير الأرض من الإرهابيين بانتظار نتائج فحوص الحمض النووي لإعلان تحقيق الهدف الثاني من المعركة، ختم عون قائلاً: «أعلن انتهاء العمليات العسكرية (…) حقق الجيش الانتصار وبزغ فجر الجرود».
حداد وطني وتكريم للشهداء

العماد عون يعزِي والد أحد العسكريين الشهداء
أصدر رئيس مجلس الوزراء مذكرة إدارية قضت بإعلان الحداد الوطني «على أرواح شهداء الجيش الأبرار الذين سقطوا في معركة الكرامة – فجر الجرود – وكذلك على أرواح العسكريين الشهداء الذين استشهدوا في وقت سابق وأعلن رسميًا عن إستشهادهم». وجاء في المذكرة: «يعلن يوم الجمعة الواقع فيه 8 أيلول 2017 يوم حداد وطني. تقفل جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات. تنكّس الأعلام على جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات وعلى جميع السفارات اللبنانية في الخارج. تعدّل البرامج العادية في محطات الاذاعة والتلفزيون بما يتناسب مع هذه الوقائع الأليمة. يقف اللبنانيون لمدة خمس دقائق عند الساعة (العاشرة) صباحًا – حيثما وجدوا – تعبيرًا لبنانيًا وطنيًا شاملاً، ودعمًا لجيشنا الباسل في معاركه الوطنية ضد الإرهاب والإرهابيين وتضامنًا مع عائلات الشهداء والجرحى».
احتفال تكريمي للعسكريين الشهداء
أقامت قيادة الجيش إلى احتفال تكريمي للعسكريين الشهداء، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ووزير الدفاع وقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية، وممثلين عن رؤساء الطوائف والبعثات الديبلوماسية وأهالي الشهداء وعدد من الشخصيات، عند العاشرة من قبل ظهر الجمعة، في باحة وزارة الدفاع الوطني.
أدخلت الجثامين إلى باحة اللواء فؤاد شهاب في وزارة الدفاع على وقع عزف موسيقى الجيش وإطلاق 21 طلقة إكرامًا للشهداء، وقرع الطبول. ثم تليت نبذة عن حياة كل من العسكريين العشرة الشهداء، وأُعلن عن منحهم وسام الحرب ووسام الجرحى ووسام التقدير العسكري بعد الاستشهاد.

الرئيس عون يقلِّد الشهيد الأوسمة
وبعد عزف موسيقى الجيش معزوفة الموتى ولازمة النشيد الوطني، وقف الحضور دقيقة صمت حدادًا على أرواح الشهداء، ردّد بعدها رفاق السلاح ثلاث مرات عبارة «لن ننساكم أبدًا»، ثم وضع رئيس الجمهورية الأوسمة على نعوش الشهداء العشرة، فيما سلّم قائد الجيش عائلة كل شهيد العلم اللبناني عربون شكر وتقدير.

جثامين الشهداء في ساحة وزارة الدفاع
ثم ألقى رئيس الجمهورية العماد عون كلمة قال فيها إن «الشهداء العسكريين الذين خطفوا وقتلوا على يد التنظيمات الإرهابية في جرود السلسلة الشرقية، وقفوا في العام 2014، على خطوط الدفاع عن لبنان غير آبهين بما ظلَّل تلك المرحلة من غموض في مواقف المسؤولين، سبَّبت جراحًا في جسم الوطن»، وشدَّد على أن «دماءهم أمانة لدينا حتى تحقيق الأهداف التي استُشهدوا من أجلها وجلاء كل الحقائق، خصوصًا أنهم أعطوا شهادة للعالم على ما يدفعه لبنان ثمنًا لمواجهاته الطويلة مع الإرهاب على مر السنين». ودعا اللبنانيين إلى «تمتين وحدتهم الوطنية، ونبذ المصالح الضيقة على حساب مصلحة الوطن والشعب».
أما قائد الجيش العماد جوزيف عون، فاعتبر في كلمته أن «الشهداء شركاء أساسيون في صنع الإنتصار، والفخر أنهم أيقونة التحرير ودحر الإرهاب، وأنهم سكنوا قلوب اللبنانيين جميعًا، فبتضحياتهم خضنا «فجر الجرود»، وتوحّد اللبنانيون حول الجيش وقدسية مهمته، فكانت معركة شريفة ونظيفة وبطولية، نبراسها تضحيات أبنائهم».
وعند انتهاء التكريم وتقبُّل العزاء، غادرت الجثامين ساحة العلم على وقع مراسم التكريم نفسها في طريقها الى ساحة رياض الصلح.
الرئيس عون: لا يجوز اللعب في القضايا الوطنية
إستقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا قائد الجيش العماد جوزيف عون يرافقه نائب رئيس الأركان للعمليات وقادة الوحدات العسكرية الذين شاركوا في عملية «فجر الجرود» ومديري المخابرات والتوجيه والعمليات، وحرص على تهنئتهم فردًا فردًا على نجاح العملية العسكرية، طالبًا اليهم نقل تهانيه إلى الضباط والعسكريين الذين عملوا تحت إمرتهم.
في مستهل اللقاء، عرض قائد الجيش للمراحل التي تمَّت فيها عملية «فجر الجرود» ودور الوحدات العسكرية التي شاركت فيها، مركِّزًا على «التنسيق الكامل الذي تحقَّق بين القوى المشاركة وتوزيع المهام في مسرح العمليات، إضافة الى المؤازرة الجويَّة واللوجستية والفنيَّة التي مكَّنت من تحقيق إنجاز تحرير الأرض في فترة زمنية قياسية، وتكبيد المسلحين الإرهابيين خسائر فادحة». وأبرز ما «نفَّذته الوحدات العسكرية المختصَّة من تطوير لعدد من الأسلحة الموجودة لدى الجيش ومطابقتها مع العتاد المتوافر». كما تحدَّث عن الحضور الإعلامي «الذي وفّر مواكبة موضوعية للعمليات الميدانية»، شاكرًا رئيس الجمهورية على مواكبته الجيش منذ اللحظة الأولى لانطلاق عملية «فجر الجرود» وحتى انتهائها وإعلان الانتصار.
وردَّ الرئيس عون مهنئًا قائد الجيش والضباط الحاضرين، ومتمنيًا أن ينقلوا تهنئته إلى مرؤوسيهم من ضباط ورتباء وأفراد، وإلى كل من أسهم في تحرير الأراضي اللبنانية من الإرهابيين والعثور على جثامين العسكريين الشهداء الذين خطفهم الإرهابيون في 2 آب 2014. وقال: «إضافة إلى التهنئة الفردية، فإني أرغب في تهنئتكم كفريق عمل متكامل لأنه لا انتصار في أي معركة ما لم تكن الصفوف متراصَّة والعمل منسَّقًا بهدف السيطرة على حقل المعركة، وهذا يحقق الإنتصار».
أضاف: «في السياسة، ثمة مواقف غير وطنية وثمة من يتجاهل أنه لا يجوز اللعب في القضايا الوطنية الأساسية ولا سيما الأمن الذي يخص كل الأحزاب السياسية ومكوِّنات المجتمع. لقد حصل لغط كثير، من سلَّم الارض بات خارج المحاسبة، ومن حرَّرها أصبح وكأنه مسؤول عما حصل في السابق، وحاول البعض أن يسلب من الجيش انتصاره. إن الجيش اللبناني بعيد جدًا عن السياسة، وهو يحافظ على البلد، ومن هنا تبرز قيمته الوطنية. لذلك، وكي نرد هذه الاتهامات، فتحنا تحقيقًا في الموضوع أساسه معرفة ملابسات خطف العسكريين واحتلال الإرهابيين لأجزاء من الأرض اللبنانية، وذكَّرنا بما سبق أن قلناه من أنه يجب عدم إدانة البريء وتبرئة الجاني المهمل والمتساهل الذي أدى تصرفه إلى تطور الأوضاع ووصولها إلى ما وصلت اليه».
وتابع: «إن هذا الحق محفوظ للذين استشهدوا في الميدان معكم وقد ذكرناهم بالأمس إلى جانب الشهداء الذين استرجعنا جثامينهم، وهذا أمر مهم جدًا يدل على أننا متضامنون مع جميع الشهداء الذين سقطوا قبل المعركة وخلالها. إني، وبكل تقدير ومحبة، وكوني كنت قائدًا للجيش، أعلم قيمة خسارة جندي حيث كانت تدمع عيناي، وكما أفرح بكل انتصار يتحقَّق، كذلك أتأثَّر بكل خسارة في الأرواح».
وأكد أنه «لا يمكن الانتصار في معركة من دون وجود أركان ناجحة، فالتنسيق بين القيادة والجنود في الميدان أمر بالغ الأهمية، لأن المعركة متحرِّكة ومن الصعب إدارتها، كما أن المناورات والتدريبات التي قمتم بها ساعدت كثيرًا في التقليل من الخسائر، وهو أمر جيد».
وختم: «أجدد تهنئتي لكم، وآمل ألا نضطر إلى خوض معارك جديدة، وأن يتعزَّز الاستقرار الأمني في لبنان، إنما وكما يقول كل جندي: إذا دعاني الواجب، فأنا حاضر».