نظّمت جامعة الروح القدس- الكسليك بالتعاون مع “جمعية حضارة”، مؤتمرًا عن التقاعد العسكري المبكر، بعنوان “التقاعد العسكري: نهاية طريق أم بدايته”، برعاية قائد الجيش العماد جوزاف عون ممثلاً بمدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش العميد الركن فادي أبي فراج. وركّزت الكلمات على أنّ “التقاعد ليس نهاية مرحلة وانطلاقة مرحلة جديدة، وليس أبدًا عبورًا إلى الفراغ والاستقالة من المجتمع”.
حضر المؤتمر رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة وأعضاء مجلس الجامعة، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلاً بالعميد طوني بيطار، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ممثلاً بالعميد نبيل حنون، المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ممثلاً بالعميد بيار سالم، نقيب المحرِّرين الياس عون، رئيس رابطة قدامى القوى المسلَّحة اللواء عثمان عثمان ممثلاً باللواء ميشال منسى، المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار ممثلاً بالعميد المهندس بيار الحايك، الملحقون العسكريون في البعثات الدبلوماسية لدى لبنان، رئيس “جمعية حضارة” إدمون شيخاني، وعدد من رؤساء الجمعيات والشخصيات الجامعية والاقتصادية والاجتماعية والادارية والعسكرية، واللواء المتقاعد شوقي المصري النائب الثاني لرئيس الرابطة، ورئيس الديوان في الرابطة العميد المتقاعد يوسف روكز وعدد كبير من ضباط الخدمة الفعلية في الجيش والأسلاك الأمنية والضباط المتقاعدين المنتسبين لرابطة قدماء القوى المسلَّحة وغير المنتسبين، في حرم جامعة الروح القدس في الكسليك.
حفل الافتتاح
بعد النشيد الوطني، كلمة ترحيب من الأستاذة نادين نفّاع.
د. رنا أبو ظهر: أملنا الاستفادة من خبرات المتقاعدين
ألقت الدكتورة رنا أبو ظهر كلمة “جمعية حضارة”، أشارت فيها إلى أن “الجمعية أيقنت مدى أهمية التفاعل الثقافي والحضاري بين القوى العسكرية والحياة المدنية والمجتمعية، فأرادت أن تفتح ملف المتقاعدين ومتابعته مع الجهات الرسمية والفاعلة بغية الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف بما يخدم الوطن. وسنحاول جاهدين التنسيق بين الجهات المعنية لتوفير فرص عمل للراغبين وتشجيع المشروعات الفردية، إضافة إلى أهمية قيام القطاع الخاص بدور أفضل تجاه المتقاعدين من باب المسؤولية الاجتماعية. وأملنا الاستفادة من الخبرات المتراكمة والمميّزة للمتقاعدين من خلال وضع استراتيجية بمؤشرات محددة لتفعيل دورهم”.
الأب حبيقة: الاستفادة القصوى من مهارات المتقاعد وخبرته وإنتاجيته خدمة للوطن والإنسانية
أما الأب جورج حبيقة فقال في كلمته: “يسعدني، في هذه المناسبة، أن أقف كمسؤول عن مؤسسة تربوية جامعية عريقة، إلى جانب المؤسسة العسكرية بجناحيها: الجيش وقوى الأمن، لأشارك معها في البحث عن السبل الآيلة إلى تحويل فترة تقاعد العسكريين، من جيش وقوى أمن على السواء، إلى مرحلة تقصي عنهم الشعور بأن الوطن استغنى عن خدماتهم، ولم يبقَ لهم من حطام الأرض سوى اجترار الذكريات، أو انتظار اتصال، أو ترصُّد حدث، ربما قد يجدد الحاجة إليهم، ويعيدهم إلى صلب حركية المجتمع حيث يستعيدون ولو لفترة وجيزة جزءًا متواضعًا من صخب الماضي”.
واعتبر “أن نظام التقاعد، في الواقع، ليس حكرًا على المؤسسة العسكرية والأمنية، بل هو نظام يطول آلية العمل والخدمة في قطاعات عديدة في المجتمع. إنه في الواقع نهاية مرحلة وانطلاقة مرحلة جديدة، وليس أبدًا عبورًا إلى الفراغ والاستقالة من المجتمع والتربّع على عرش اللامسؤولية. غير أن التقاعد في حياة العسكريين والأمنيين يختلف النظر إليه، فنكهته ومذاقه لا يشبهان أي حالة تقاعدية أخرى، وذلك بسبب الصلة الوثيقة القائمة بين “إبن الدولة” والوطن في جميع أبعاده. نحن اليوم معًا سنتبادل الأفكار بهدف إرساء قواعد حديثة للتعاطي مع “إبن الدولة” المتقاعد، تقوم على الاستفادة القصوى من مهاراته وخبرته وإنتاجيته خدمة للوطن والإنسانية. وخير مثال على ذلك، ما تفعله الدولة الفرنسية مع جنرالاتها الذين يتمّ عامة تقاعدهم عند الثامنة والخمسين من عمرهم، وأحيانًا قليلة، ولأسباب جدّ ضرورية، عند الثانية والستين. إن الدولة الفرنسية تؤمّن لجنرالاتها مراكز في حقول عديدة، كمستشارين، كباحثين، كمدرّبين في عدَّة قطاعات. وهكذا تعصمهم من التراخي والسأم ومن الانطواء على الذات. قد نتمكَّن نحن اليوم، في العقود الأولى من الألفية الثالثة، من أن نحدث تغييرًا في مسلكية التقاعد العسكري والأمني”.
العميد الركن فادي أبي فراج: تقاعدكم ليس نهاية الطريق بل استمراره بوجهات مختلفة
بدوره، ألقى ممثل قائد الجيش العميد الركن أبي فرَّاج كلمة قال فيها: “إذا كنتم أيها الرفاق قد تقاعدتم من الخدمة العسكرية الفعلية فإنكم ستظلون دائمًا وأبدًا جزءًا لا يتجزأ من العائلة العسكرية الكبرى”. وتابع “تؤكد قيادة الجيش حرصها الدائم على حماية حقوق المتقاعدين المعيشية، وهي تشكّل جزءًا من حقوقهم الطبيعية التي اكتسبوها بعد سنين خدمتهم الطويلة، إضافة إلى الاهتمام بأوضاعهم الاجتماعية والإنسانية، ومواكبة مختلف نشاطاتهم الفكرية والثقافية”.
وأردف: “إخوة السلاح، إنكم إلى جانب كونكم رفاق درب المؤسسة العسكرية، وتسكنون دائمًا في ضميرها ووجدانها، تؤدّون دور رسل المؤسسة في المجتمع المدني، وتسهمون في نشر مبادئ الجيش وقيمه الوطنية، واستمرار النهج الأخلاقي الصادق الذي ميّز أداء جيشنا الباسل، وتلهمون جيل الشباب وتبعثون فيه الأمل بمستقبل مشرق للبنان”. وشدّد في الختام على أنه “لا تخفى أيضًا مشاركتكم بشكل فاعل في نهضة هذا المجتمع وتطوّره، انطلاقًا من المهارات والخبرات التي اكتسبتموها في المؤسسة. واعلموا أيها الأعزّاء أن تقاعدكم ليس نهاية الطريق بل استمراره بوجهات مختلفة، فما دام الإنسان يملك العزيمة الصادقة وإرادة العطاء، فإن مسيرته لن تنتهي، وجيشكم خير مثال على ذلك العطاء الذي لا يعرف الكلل أو التقاعد، فاسلكوا دروب الحياة متطلّعين دائمًا إلى الأمام، واسعوا إلى رفع المبادئ التي تربَّيتم عليها في مؤسستكم الأم، فذلك غاية الشرف الذي يفوق كل مركز ووظيفة ورتبة”.
حلقات نقاش وتوصيات
ثم عقدت حلقتا نقاش: أدار الحلقة الأولى الدكتور نقولا بدوي، وألقى فيها كلمة قيادة الجيش كل من العميد الركن مرسيل كيروز رئيس جهاز الرعاية والشؤون الاجتماعية للعسكريين القدامى، والعميد الإداري طوني زخريا رئيس قسم التقاعد في مديرية الأفراد.
العميد الركن مرسيل كيروز: رعاية شؤون المتقاعدين بعد التقاعد هي من أهمّ مسؤوليات الجيش
شدّد في كلمته أنه ليس من السهل على المتقاعد الذي قضى أكثر من خمس وثلاثين سنة في الخدمة الفعلية أن يتأقلم في هذا المجتمع الذي يختلف بأنماط العلاقة فيه عمّا عاشه في كنف مؤسسة الجيش. فالواجبات واضحة والحقوق واضحة أيضًا، وهنا لا أريد أن أقول أنّ المتقاعد العسكري كان منفصلاً عن المجتمع إنما كانت العلاقة معه (أي المجتمع) هي من الباب الضيّق، لأنّ العسكري يقضي أكثر من ثلثي وقته في الخدمة. وأشار إلى أنّ التشريعات غير موجودة بالنسبة إلى عملية الاندماج والمؤسسات المدنية التي تتجنّب بأغلبها توظيف المتقاعدين إلا في أعمال بسيطة (كالحراسة مثلاً)، بسبب الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة والمعروفة ونسب البطالة في أعلى مستوياتها. فإذا احتاجوا إلى موظفين فضَّلوا توظيف الشباب حيث يستطيعون التحكّم بالأجر كون المتقاعدون سيتسبَّبون لهم بالمشاكل لأنّهم لا يتحمّلون الشواذ ولا يدخلون في سراديب التسويات، وبصريح العبارة يقولون عنهم إنّهم “فجّين”. كما أشار العميد الركن كيروز إلى أنّ التقاعد بالنسبة إلى الجيش يعدّ سلاحً ذي حدّين، فهو من ناحية، المدخل إلى استبدال العناصر الذين شارفوا التقاعد ولم يعودوا قادرين على القيام بالمهمات والواجبات الشاقة والصعبة الملقاة على عاتق الجيش بعناصر شباب يتمتّعون بالحيوية المطلوبة، إلاّ أنّ هذا الاستبدال قد يفقد الجيش عناصر مميّزين من حيث خبراتهم وكفاءتهم نتيجة الممارسة الطويلة لمهامهم. إلاّ أنّ تقاعد العسكريين لا يعني انفصال المؤسسة العسكرية عنهم بشكل كامل لأنّ رعاية شؤونهم بعد التقاعد هي من أهمّ المسؤوليات التي تلقى على عاتق الجيش.
وأشار في الختام إلى المراسيم التي ترعى هذا الموضوع، فالمرسوم الاشتراعي الرقم 102- قانون الدفاع الوطني قد أشار في المادة 152 إلى ما يلي: يُعطى المتطوّعون المسرّحون أفضلية لغاية 25% في إشغال الوظائف في ملاكات الدولة والبلديات والمؤسسات العامة التي تؤمّن للدولة معظم مواردها.
أما المادة 32 من القانون الرقم 46 تاريخ 21/8/2017 ، فقد نصّت على ما يلي: خلافًا لأي نص آخر لا يجوز أن تحفظ وظائف الفئتين الأولى والثانية لقدماء العسكريين حيث يبقى التعيين في هاتين الوظيفتين خاضعًا لأحكام نظام الموظفين.
أما على صعيد الجيش فقد أُقرّت بطاقة تنفيذية بتاريخ 4/12/ 2017، تتعلّق بوضع آلية للاستعانة بخبرات ضباط متقاعدين في مجال التدريب والتعليم.
العميد الإداري طوني زخريا: كل التسهيلات للمتقاعدين في عملية تحصيل حقوقهم
بدوره، شرح العميد الإداري طوني زخريا ماهية الحقوق التي يستفيد منها المتقاعد عند إحالته على التقاعد. ولفت إلى أنه اعتبارًا من بداية العام 2016، تمّ اعتماد الربط الإلكتروني بين وزارتي الدفاع والمالية (وهو نظام الربط الوحيد المعتمد في الدولة اللبنانية في هذا المجال)، وتمكّن بموجبه قسم التقاعد واللجان الصحية في مديرية الأفراد من الولوج إلى نظام التقاعد الممكنن في وزارة المالية، إدخال المعلومات الإلكترونية المطلوبة، والاستحصال على الرقم الخاص بكل متقاعد. في المقابل، تقوم دائرة التقاعد في مصلحة الصرفيات بإدخال رقم قرار التخصيص وتاريخه فقط لإنجاز المعاملات الإدارية المطلوبة. بذلك، تمّ تقليص الوقت المطلوب لقبض العسكري المتقاعد حقوقه التقاعدية إلى مهلة تقلّ عن الشهر الواحد في معظم الأحيان بعد أن كان التأخر في صرف المعاشات التقاعدية يتجاوز الثلاثة الأشهر كمعدل وسطي.
واعتبارًا من 1/1/2018، تمّ اعتماد تعليمات جديدة لإنجاز المعاملات الإدارية الخاصة بالإحالة على التقاعد يتمّ تطبيقها على صعيد قطع الجيش ووحداته. وبموجبها، تمّ الاستغناء عن قيام المتقاعد بالتقدّم شخصيًا من كلّ الأجهزة والمديريات (وهي كثيرة) لإنجاز ملفه، بل استعيض عن ذلك باعتماد المراسلات عبر البريد بين مختلف الأجهزة والمديريات لإنجاز المطلوب بفعالية أكبر وجهد أقلّ.
العميد المتقاعد حسين زعروري: مرحلة نهاية الخدمة بالغة الحساسية لأنها تضع حدًّا فاصلاً بين الماضي والمستقبل
في مداخلته، شرح العميد المتقاعد حسين زعروري الذي ألقى كلمة جمعية حضارة، أنّ مرحلة التقاعد بحسب المفهوم الاجتماعي ترتبط بالتوقّف عن العمل بسبب بلوغ السن القانونية. وهذه السن تختلف بين موظفي القطاع العام وبين من يخدمون في الأجهزة العسكرية والأمنية من حيث المدة. ومهما يكن من أمر، تبقى مرحلة نهاية الخدمة بالغة الحساسية لأنها تضع حدًّا فاصلاً بين الماضي والمستقبل، وتشكّل هوة ساحقة تحتضن تغييرات جذرية تطاول الصحة النفسية والجسدية. ونورد تأثير التقاعد على الصحة النفسية والجسدية على الشكل الآتي:
- جسديًا هناك ما يسمى بالتوقيت البيولوجي Horloge Biologique أي نمط الحياة اليومية، هذا النمط الذي ينظّم الإنسان ليس فحسب من الناحية الاجتماعية إنّما أيضًا من الناحية البيولوجية الجسدية، والتقاعد يحدث اضطرابًا في هذا النمط. كذلك يتراجع النظام الهرموني وكل ما له علاقة بالأمور الداخلية في الدم،Eurotransmetteur ، والإفرازات الدماغية، وغيرها…
- تقول الدراسة التي أعدّها باحثون بريطانيون إن قدرة الدماغ على أداء مهامه تتراجع بسرعة كبيرة عندما يتوقّف الأشخاص عن العمل، وأوضح الباحثون أنّهم تابعوا حالات 3400 متقاعد مدني في بريطانيا، فوجدوا أن الذاكرة الأولية انخفضت بنسبة 40 % بمجرّد أن أصبح الموظفون متقاعدين. ويتّضح أن قلّة التحفيز المنظّم يؤدي إلى نتائج وخيمة على الوظائف الإدراكية في الدماغ ويسرّع من فقدان الذاكرة وإمكان الإصابة بالعته. وقال الباحث في علم النفس التنظيمي في جامعة مانشستر للأعمال، كاري كوبر، إنّ التقاعد يبكر في الإصابة بمرض الخرف، مشيرًا إلى أنه كلّما زاد النشاط الإدراكي في الدماغ تقلّ فرصة الإصابة بالمرض.
- ويؤثر مرض الاكتئاب الناجم عن هذه المرحلة من الناحية العضوية فتظهر أعراضه على الشكل التالي: ألم في الرأس، شعور بالإرهاق وألم في كل أنحاء الجسد، القلق، قلّة النوم أو كثرته، الشراهة في الأكل أو الانقطاع عنه. وأحيانًا، يترتّب عنه ما يسمى بالـ Pseudodemence أي ما يعرف بمرض النسيان خصوصًا لدى الشخص الذي كان يتمتّع بمجهود فكري وفجأة انقطع أو عزل… وهنا تتمّ المعالجة عبر أدوية الاكتئاب أو المعالجة النفسية.
- تُنتج قلّة العمل تراجعًا في النشاطات الجسدية. فقلّة الحركة تولّد السمنة. وعدم التعرّض لأشعة الشمس يشكّل خطرًا على العظام، وكذلك تولّد قلّة الحركة مشكلات في الشرايين وعضلة القلب والتنفس، وتقلّل من تسهيل عملية الهضم، فينشأ عنها الإمساك المزمن، ومن الأعراض الجسدية أيضًا مشكلات في المفاصل.
- من الناحية النفسية، يسيطر هاجس عدم الانتاجية على أفكار المتقاعد، وتظهر بداخله الصورة النرجسية المجروحة، عندها يكره نفسه ولا يعطيها أي قيمة تذكر. وغالبًا ما يتمثّل ردّ فعله إلى جانب الحالة الاكتئابية، بالخطوة العدائية تجاه ذاته أولاً ثم تجاه الآخرين مرورًا بالشريك والوالد وخصوصًا الزملاء الذين لا يزالون مستمرّين في العمل.
ثمّ تحدّث العميد زعروري عن التقاعد وآثاره الاقتصادية فبيّنت الحقيقة أنّ هاجس الخوف من المشكلة الاقتصادية يقضّ مضجع المتقاعدين الذين يعيشون من الراتب التقاعدي فقط، يذكّيه الغلاء الذي تعيشه دول العالم، ومستوى المعيشة المتزايد يومًا بعد يوم، الذي يصاحبه زيادة متناسبة في الراتب التقاعدي حيث إن مشكلة الدخل من أهمّ المشكلات التي تصادف المتقاعد مهما كان ارتفاع راتبه، لأن المعاش التقاعدي في أي من الأحوال وتحت أي من الظروف لا يمكن أن يكون مساويًا للراتب الشهري الذي كان يتقاضاه.
ثم طرح عددًا من المقترحات للحدّ من تأثيرات التقاعد السلبية، أهمّها:
- المتقاعد يرغب بأن تستمر المؤسسة التي حافظت على كرامته في أثناء خدمته الفعلية في رعايته منذ إحالته على التقاعد وطوال فترة تقاعده أو حتى مرضه.
- إنشاء مكاتب استعلامات للّذين سيحالون على التقاعد، وتنشيط المؤتمرات المتعلّقة بهم.
- عقد الندوات الثقافية للمتقاعدين أو الذين سيحالون على التقاعد، بشكل دوري، تناقش فيها همومهم وتطلّعاتهم.
- النظر بإمكان إنشاء مديرية عامة أو حتى وزارة تضمّ عناصر الأجهزة العسكرية المتقاعدين كافة بدلاً من وزارة المالية.
- إنشاء قاعدة معلومات للمتقاعدين، تضمّ كامل المعلومات والاختصاصات التي يتمتّع بها المتقاعد مع كامل طموحاته لكي تستمرّ عملية استثمار المتقاعد.
- إنّ الدخل المالي للمتقاعد يمثّل أهمية قصوى، وفي المستقبل ستزداد هذه المعضلة. لذا، فالتضخّم الاقتصادي المستمرّ في العالم أصبح أكبر خطر يهدِّد حياة البشر، وقد يكون أقسى وطأة على المتقاعدين.
العميد المتقاعد حافظ شحادة: مقترحات لمعالجة واقع العسكريين المتقاعدين
كلمة رابطة قدماء القوى المسلّحة اللبنانية ألقاها العميد المتقاعد حافظ شحادة، الذي قدَّم المقترحات لمعالجة واقع العسكريين المتقاعدين:
١. إذا كنا بصدد بناء دولة المؤسسات فعلاً، بعيدًا عن المحاصصة واحترامًا للكفاءات والخبرات فالتقاعد المبكر للعسكريين يمكن الاستفادة بعده من هذه الطاقات في وظائف بمؤسسات تتطلَّب الخبرات الأمنية للحفاظ عليها وتحصينها، كما يمكن الاستفادة من هذه الخبرات في كثير من الوظائف التي تشتمل على مزيج من الإدارة والأمن. وليس القصد من هذا الطرح أن نؤمن وظائف للعسكري المتقاعد إنما الغاية هي عدم هدر هذه الطاقات وضياعها من دون الإستفادة منها وقد تكوّنت طوال سنوات خدمة العسكري الذي يبقى قادرًا على الإنتاج وخدمة الوطن ولا سيما في قطاعات المؤسسات العامة ومجالس إدارتها وأجهزة الرقابة للإستفادة من روح الإنضباط والمحاسبة مع اقتراح:
. تأكيد ابقاء نسبة إشغال بعض الملاكات بنسبة 25% من العسكريين المتقاعدين كما جاء في نص المادة 152 من قانون الدفاع الوطني.
. إلزام ما يُسمى بالشركات الأمنية تشغيل ما نسبته 25% من عدد موظفيها من العسكريين المتقاعدين وتنسيق ذلك مع رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية.
٢. الاستفادة من خبرات بعض الأمنيين في مجال العمل لدى البعثات الدبلوماسية كالعمل في القطاع القنصلي ما يسمح بمتابعة مشاكل اللبنانيين في الخارج ومعالجتها.
٣. تشجيع العسكريين المتقاعدين أصحاب الاختصاصات على التجمع في قطاعات تعنى بأعمال اختصاصاتهم كالمهندسين والأطباء وضباط الإدارة والمال وتقديم حوافز لهم لجهة تولي تنفيذ المشاريع والأعمال ليكون قسم من عائدات الأرباح مخصصًا لدعم رابطة قدماء القوى المسلحة (كما هو الحال في الأردن مثلاً).
٤. المساعدة على جعل الانتساب والاشتراك في الرابطة إلزاميًا لكل العسكريين من كل الأجهزة ما يساعد الرابطة على تأمين تقديمات وخدمات للمتقاعدين تخفِّف عنهم وطأة الضغط النفسي والمادي بعد التقاعد. كما أن هذا الانتساب يجعل من المتقاعدين قوة ضاغطة لحماية مصالحهم وحقوقهم ورعايتها حتى لا ندخل في بازار المساومات والمراجعات كما حصل مؤخرًا. مع التأكيد أن الرابطة ستعمل بشكل دائم وبالتنسيق مع كل الجهات المعنية على تقديم المشاريع والأفكار لإفادة العسكري المتقاعد ماديًا ومعنويًا.
٥. هذه المقترحات كلها تهدف إلى تعزيز وضع المتقاعد و مساعدة الرابطة على تأمين مداخيل مالية ثابتة تمكّنها من القيام بالنشاطات التي وردت في مستهل التعريف بها ويجدر بالاشارة أن الروابط ومؤسسات المتقاعدين العسكريين في البلدان كلها ترتبط عضويًا بالمؤسسات الرسمية كوزارات الدفاع مثلاً، كما أن لها توصيفات معينة ترقى إلى حدود أن يكون المسؤول عنها بصفة وزير كما في كل من الجزائر والمغرب.
٦. إصدار النصوص التي توجب مشاركة ممثل للمتقاعدين من قبل الرابطة في كل اللجان والأعمال التي تقوم بها المؤسسات عند دراسة الرواتب والتعويضات والتقديمات مثلاً.
٧. تفعيل المسؤولية عن المتقاعدين في المؤسسات الأم، واعتماد مكاتب للمتقاعدين لمتابعة شؤونهم ومراجعاتهم في وزارة المال على أن يكون في هذه المكاتب ممثلون لكل من الجيش وباقي المؤسسات الأمنية، ويكونون مكلَّفين متابعة كل قضايا المتقاعدين، مع الاقتراح أن تبقى معاملات التقاعد وبعض المستحقات والمعاشات ممسوكة من قبل المؤسسات مباشرة.
٨. مطالبة المعنيين بدراسة أمور الرواتب والتعويضات والتقديمات وإقرارها أن يفيدوا منها المتقاعد ولو بنسب معينة من دون أن يفوتهم بأنهم يومًا سيكونون من المتقاعدين.
٩. الاستفادة من خبرات المتقاعدين من قبل مؤسساتهم الأم وذلك بتنظيم لقاءات ومحاضرات ودراسات في المؤسسات الموجودة والتي تعنى بذلك، وتأمين الإحتكاك بمن هم في الخدمة الفعلية كاعتماد نسبة عالية من المتقاعدين لتقوم بعملية التدريس والتدريب في معاهد التنشئة والتعليم لنقل خبراتهم إلى الأجيال الجديدة، والاستفادة من العناصر الذين يقومون بهذه المهام في هذه المؤسسات بأن تعزَّز بهم الخدمة الفعلية فيكون المكسب على أساسين الأول الإفادة من خبرة القدامى والثاني الاستفادة من العديد في الخدمة الفعلية وتعزيزها.
١٠. التنسيق مع رابطة قدماء القوى المسلحة في تأمين عناصر يقومون بمهام محددة كأعمال الانتخابات مثلاً لقاء بدلات رمزية فيتحقَّق بذلك هدفان الأول الاستفادة من تحمُّل العسكري للمسؤولية كما اعتاد في خدمته الفعلية، والثاني تخفيف النفقات على الخزينة.
لا بد من الإشارة إلى أنه رب قائل إن العسكريين يتقاضون تعويضات كبيرة ويتمادى هؤلاء في تشريح عدم أحقيَّة العسكريين المتقاعدين بكثير من التقديمات فأقول آسفًا أنه فات هؤلاء أن ينظروا بعين الموضوعية والإنصاف إلى واقع العسكريين انطلاقًا من ساعات عملهم المحكومة بـ 24ساعة/24 ساعة. مع الإشارة إلى شيء مهم وهو أن المأذونية للعسكري هي منحة وليست حقًا و بالتالي يمكن أن لا يعطى أي مأذونية كما أنه يمكن قطع إجازته في أي حين من دون أن يكون له الحق بالإعتراض. كما أنه يجب أن يستوقف الذين يتحدَّثون عن عدم أحقية العسكري بتعويضاته عمل العسكري انطلاقًا من شرطي السير الذي يقف غارقًا في المياه ومنتصبًا تحت أشعة الشمس وصولاً إلى من يقفون في الخنادق، والمخاطر الكبيرة التي يتحمَّلونها في اثناء تنفيذهم واجباتهم مقدمين مصلحة الوطن، ومطمئنًا أولئك الذين ما كانت بقيت لهم كراسي يجلسون عليها لولا تضحيات العسكريين، وإلى الذين ينامون متنعِّمين في أسرتهم أيام البرد والخوف والخطر حيث لا يسأل العسكري من يبخسونه حقه أي بدل غير عابئ بالأخطار لتصل تضحياته إلى حدود الاستشهاد أو الإعاقة متحمِّلاً آلام الجراح لينعم الآخرون بالأمن والإطمئنان.
أتساءل باستهجان عن السبب الذي يجعل العسكريون يتناسون واقعهم عندما كانوا في الخدمة الفعلية، ويخرجون
من عنفوانهم ومعنوياتهم ليقبعوا يتذمرون ويشكون من تهميشٍ وتردٍ معنوي متناسين أنهم كانوا قدوة ومنارة مكللين بالعنفوان من دون أن يسعوا إلى الحفاظ على هذه الصورة بتجمّعهم في رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية للعمل والسعي على إبقاء دورهم ظاهرًا ومعنوياتهم مرتفعة من خلال أفكار ومشاريع تربطهم بمؤسساتهم الأم وبمجتمعهم.
وفي الختام أكد أن الرابطة ستعمل بالتنسيق الدائم مع جمعية حضارة توصلاً إلى تحقيق مشاريع وإنجازات تصب في خانة خدمة المتقاعدين.
البروفسور نعمة عازوري: الاستفادة وقتًا طويلاً من مهارات العسكريين العالية.
المداخلة الأخيرة كانت لنائب رئيس جامعة الروح للقدس للبحوث البروفسور نعمة عازوري تحدّث فيها عن أنّ الهمّ الأبرز عند المتقاعد في الماضي، كان يكمن في التخطيط المالي. أما اليوم، فقد تغيّرت المعطيات مع تزايد الاهتمام بالعواقب النفسية التي تطال المتقاعدين وتؤثّر على رفاههم. ومن أبرز الآثار النفسية، نذكر المشاكل المتعلّقة بأزمة فقدان الهوية التي تعود إلى الإرباك الناتج عن تغيير الأهداف والدور المتوقّع للعسكريين في المجتمع. وبالتالي، تزيد إمكان فقدان الهوية بعد انتهاء فترة العمل، ولا سيما إذا كان العامل يتمتّع، على غرار العسكريين والأمنيين، بمهارات عالية واستثنائية.
في هذا السياق، يصعب أيضًا على المتقاعد العسكري والأمني الذي غالبًا ما يمضي أوقاتًا طويلة خارج المنزل وبعيدًا عن الأسرة، التكيّف بنمط حياة روتينية جديد يختلف أشدّ الاختلاف عن حياته السابقة. ولا يمكن غضّ النظر عن سمات شخصية العسكريين التي تختلف بحسب إحدى الدراسات عن شخصية المدنيين، إذ تبيَّن أنّ الأشخاص الذين ينجذبون إلى المجال العسكري هم أكثر جرأة وعزمًا وأقلّ قابلية للقلق ما يصعّب أحيانًا فهم طبيعتهم من قبل المجتمع. كما يتمتّعون بقيم مختلفة مثل قدرة التزام الأوامر من دون جدل، وتقبّل السلطة، والوفاء الكامل.ثمّ انتقل إلى أن في لبنان، حيث يواجه العسكريون صعوبات مالية أيضًا بعد التقاعد على الرغم من زيادة الراتب التقاعدي، يمكن دراسة تطبيق هذا النموذج ضمن أساليب تتوافق مع القوانين والبيئة والثقافة اللبنانية. فيسمح هذا النموذج بالاستفادة وقتًا طويلاً من مهارات العسكريين العالية، ولا سيّما في مجالات خبرتهم. وهكذا لا يشعر العسكريون الذين اعتادوا على الانتقال والتحرّك في ظلّ نمط نابض بالحياة، بالكآبة إذ يصبح لديهم أهداف جديدة كفيلة بمحاربة اليأس الناتج عن التقاعد.
الحلقة الثانية
أدار الحلقة الثانية العميد المتقاعد ناجي ملاعب.
العقيد الدكتور موسى كرنيب: تعمل قوى الأمن الداخلي وفق مبدأ الشرطة المجتمعية التشاركية مع المجتمع.
كلمة قوى الأمن الداخلي ألقاها العقيد الدكتور موسى كرنيب الذي قارب موضوع التقاعد المبكر في مؤسسة قوى الأمن الداخلي في ثلاث نقاط:
أولاً، إنّ المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، ومن ضمن الاستراتيجية التي تعتمدها، منفتحة على دراسة إمكان رفع سن التقاعد للعسكريين بما يراعي قدرات الدولة اللبنانية ووضع الخزينة العامة، بحيث لا تترتّب نفقات إضافية لا يمكن للدولة تأمينها، وتمكّن العناصر من الاستمرار في خدمتهم واستفادة المؤسسة من خبراتهم.
ثانيًا، إنّ المديرية العامة تسعى من خلال تطوير بنية العمل فيها أن يكون العمل الأمنيّ عملاً احترافيًا، عن طريق تحويل قوى الأمن الداخلي إلى قوى أمنية متطوّرة وغير تقليدية، وذلك عبر تأهيل العناصر وتدريبهم بشكل مستدام. هؤلاء العناصر عند تقاعدهم المبكر، والذي حدّده القانون، يكونون ما يزالون قادرين على العطاء ويتمتّعون بخبرات ومؤهّلات علمية نادرة…
ثالثًا، تعمل قوى الأمن الداخلي وفق مبدأ الشرطة المجتمعية التشاركية مع المجتمع (خدمة، ثقة، شراكة)، وهي في عملها منفتحة على الجميع. من هنا، هي على استعداد للتعاون مع القطاع المدني والمؤسسات الخاصة، إذا رغبت في إيجاد صيغة لتأمين بعض فرص العمل والاستثمار للمتقاعدين الذين تعرف إمكاناتهم وأوضاعهم من خلال مسيرتهم المهنية الأمنية
البروفسور إيلي يشوعي: وتمثّلون للآخرين نماذج صارخة في الانضباط والانتاجية والالتزام والنزاهة.
تحدّث البروفسور إيلي يشوعي عن “أفضل السبل لاستثمار التعويضات”، فعدّد الخيارات المتاحة أمام المتقاعد، ومنها:
أولاً، تقاعد كامل يستهلك تعويضه ويذوّبه تدريجًا لأسباب عديدة منها ما تكون شخصية أو عائلية.
ثانيًا، التوجّه من جديد نحو القطاع العام الإداري، خصوصًا مجالس إدارات المؤسسات العامة، وهذا ما لا أنصح به…
ثالثًا، التعليم في القطاع الخاص خصوصًا الجامعي وبالساعة.
رابعًا، والأهم، العمل في القطاع الخاص المنتج.
وسأل: هل العسكري المتقاعد مؤهّل أن يعمل في القطاع الخاص الانتاجي؟ وكيف؟
إنّ التحضير لهذه المرحلة يبدأ عندما يصل العسكريّ إلى عتبة التقاعد وهو لا يزال في الخدمة. ورأى أنّ أي مشروع خاص يحتاج إلى ثلاثة موارد: المالي والبشري والمادي (المكان وطبيعة المشروع)… إنّ المورد البشري متنوّع الاختصاصات، عسكريًا وإداريًا ومحاسبيًا ولوجستيًا ومعلوماتيًا، قادر على اقتحام أسواق الانتاج والابداع… ودعاهم إلى خوض مجالات الزراعة والمزارعة، والصناعات الصغيرة والمتوسطة الحجم، والتجارة على أنواعها، واقتحامها كمجموعات ما يسهم مساهمة فاعلة في تعزيز دعائم الاقتصاد المتهاوي، وزيادة حجم الانتاج المحلي مقارنة مع حجم الديون التي ما تنفكّ تتزايد وتتكاثر وترهق اللبنانيين بمزيد من الضرائب. فالميّزات الفردية والتنشئة والمعرفة والخبرة التي يتمتّع بها المتقاعد تؤهّله حكمًا لمثل هذا الدور البنّاء. فكما استثمرتم في الأمن ونجحتم في إرسائه وترسيخه، سوف تستثمرون في الانتاج وتنجحون في جودته ونوعيته ومواصفاته، وتمثّلون للآخرين نماذج صارخة في الانضباط والانتاجية والالتزام والنزاهة.
الدكتورة ميرنا مزوَّق: مرحلة التقاعد في المسار الحياتيّ انتقالية نحو فرصة إضافية في بناء الهوية
مداخلة الدكتورة ميرنا مزوق كانت بعنوان “التقاعد والالتزام المجتمعي”، طرحت فيها إشكالية التقاعد عن عمر مبكر، السياسات والبنى التحتية الخاصة بفترة التقاعد، إعادة استثمار القوى المهنيّة للمتقاعدين: نضعها في خانة المهمّ. أما التحضير الذهنيّ والنفسيّ والحياتيّ واللوجستيّ فنضعه في خانة الأهمّ. لكنّ الدراسات والخبرات الفردية والمؤسّساتية أظهرت مرحلة التقاعد في المسار الحياتيّ كمرحلة انتقالية نحو فرصة إضافية في بناء الهوية.
الدكتورة سحر عبيد: الاهتمام بالمتقاعدين أمر تفرضه ظروف المجتمع.
- المداخلة الأخيرة ألقتها الدكتورة سحر عبيد بعنوان “ما بين الكمال واليأس”، عدّدت فيها المشاكل النفسيّة عند التقاعد:
- التخوّف من الدخول إلى مرحلة الشيخوخة وآثارها ومتطلّباتها.
- الشعور بعدم القيمة والدونيّة وأنّه أصبح شخصًا مهمّشًا (فقدان الهوية).
- التفكير في خسارة المكانة الاجتماعية التي كان يشغلها بمركزه الوظيفي.
- الخوف من فقدان الكثير من الأدوار والمزايا المرتبطة بالعمل.
- القلق والاكتئاب نتيجة خسارة الأجر الذي كان يحصل عليه من العمل، وقد يعوّضه إياه المعاش الذي يستحقّه من مدة خدمته.
- الخوف من الفراغ والشعور بالعزلة والوحدة والملل.
- نظرة المجتمع السلبيّة نحو المتقاعدين وقلّة الدعم وغياب الوعي.
وخلصت إلى النتيجة الآتية:
- إن القوى العاملة ممّن يصلون إلى سن التقاعد يمثّلون طاقة عمل وإنتاج اكتسبت خبرة عبر سنوات طويلة، يصعب تعويضها بمجرّد إحالتها على التقاعد بخاصة إذا كانت تشغل مناصب هامّة لها دورها الفعّال، ويصعب الإستغناء عنها.
- حتى إذا انتهت مهامهم، نظلّ في أمسّ الحاجة إليهم ولو يإسهامهم في إعطاء الرأي أو التوجيه على الرغم من تقدّمهم في السن.
- لذلك، الاهتمام بالمتقاعدين أمر تفرضه ظروف المجتمع، وعلينا الاهتمام بهم مهما كانت نوعيّة عملهم، كي يعمل شبابنا اليوم بجدّ واجتهاد، ويتذكّرون أن المجتمع لن ينساهم في كبرهم فيزيد اهتمامهم بعملهم وتقديرهم لمجتمعهم.
- وجود حالة من الإكتفاء الذاتي لدى الإنسان المتقاعد، ووجود تقبّل من أفراد الأسرة للتقاعد وللدور الإجتماعي الجديد، ووجود خدمات منتشرة في المجتمع وقريبة على مكان وجود الإنسان المتقاعد تؤدي الى حالة من التكيّف الجيّد للمتقاعد.
التوصيات
ختامًا، أذاع العميد المتقاعد جوزف روكز، رئيس الديوان في رابطة قدماء القوى المسلَّحة اللبنانية التوصيات الصادرة عن المؤتمر، وجاء فيها:
لقد عرض المحاضرون بدقة مشكورين أفكارًا نيّرة وآراء خيِّرة تتعلَّق بالمتقاعدين جميعهم بشكل توصيات آملاً تحقيقها بالتنسيق مع الأجهزة المختصة وتتركز على قاعدتين أساسيتين:
القاعدة الأولى: تفعيل المراكز التي تعنى بشؤون المتقاعدين في المؤسسات العسكرية والأمنية ورفع مستواها إلى قطعة مستقلة ترتبط بإدارة العديد وإنشاء مراكز مماثلة في الأجهزة غير المتوافرة فيها وتفعيل مهامها لتعنى بما يلي:
أ– التحضير للتقاعد بمحاضرات وندوات دورية في المجالات الصحية والاجتماعية والنفسية والإدارية وما شابه حيث يؤكد المجتمعون أن التقاعد حق للمتقاعد بعد الجهد المضني الذي بذله في حياته والمخاطر التي تكبَّدها، ولكن معالجة شأن التقاعد المبكر يقتضي تطوير الأفكار الذاتية للمشرفين عليه وتمكنهم من حسن استثمارها بالتنسيق مع الاختصاصيين الذين يمهِّدون للإنتقال المجدي من مرحلة الخدمة الفعلية إلى مرحلة التقاعد.
ب– تمثيل المتقاعدين في جميع الأمور المالية والإدارية لدى أجهزة الدولة بالتعاون والتنسيق مع رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية والبدء فورًا بتحضير حملة اتصالات على المستويات كافة لإعادة العمل بالقانون الذي خصَّص وظائف في بعض الوزارات والإدارات للمتقاعدين من العسكريين بنسبة تصل حتى 25% والذي ألغي بموجب قانون سلسلة الرتب والرواتب.
ج– إنشاء قاعدة معلومات لجميع المتقاعدين والمشرفين على التقاعد في السنة الأخيرة من خدمتهم الفعلية، والإهتمام بمتابعة تطوير تلك المعلومات وتحديثها لما بعد التقاعد، في مرحلتي الإحتياط الأول والثاني، وذلك بالتنسيق والتعاون مع الرابطة المذكورة لتأمين المجالات الحيوية التي يمكن للمتقاعد أن يؤمنها في حقل التعليم والكليات والمعاهد العسكرية، ما يوفّر الجهد والوقت لضباط الخدمة الفعلية المنتدبين للتعليم أو حتى في مهام الأمم المتحدة الأمنية في لبنان أو خارجه.
د– تحسين التعامل مع المتقاعدين من قبل عناصر الخدمة الفعلية وذلك بالتوجيه المستمر وبمحاضرات دورية في التوعية والإرشاد.
القاعدة الثانية: الإشادة بما حقَّقته رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية من انجازات لجميع المتقاعدين، والحث على زيادة الإنتساب في مكاتب المحافظات الخمس. وينوِّه المجتمعون بسعي الرابطة للحصول على مقر مركزي مستقل يليق بدورها ومهامها ويطالبون بتفعيل عمل الرابطة في الأمور التالية :
أولاً– تكوين قاعدة معلومات لجميع متقاعدي الجيش والأجهزة الأمنية المختلفة بالتنسيق مع المديرية المولجة بشؤون التقاعد في الأجهزة المختلفة، وتوطيد الصلات مع قيادات الكليات العسكرية والأمنية للتنسيق حول مهام التعلم والتعليم الممكنة للضباط المتقاعدين، والعمل على استثمار قاعدة المعلومات في إمكان توظيف الطاقات الكبرى في المراكز الشاغرة والتي لا تنفذ حاليًا نظرًا إلى قرارات مجلس الوزراء بوقف التوظيف، في المؤسسات الرقابية وأجهزة التفتيش وبعض الإدارات الملحقة بالدولة، بالراتب الأعلى وفق القوانين وبالمؤهلات والخبرات المطلوبة، وهذا ما يساعد توجه العهد في دفع عجلة الإصلاح وقمع بؤر الفساد بنتيجة هذا الشغور.
ثانيًا– البدء فورًا بإنشاء مركز دراسات وبحوث أمنية وعسكرية يوفر للضباط والعسكريين المجازين المكان والتجهيزات الحديثة التي تمكِّنهم من تدوين معلوماتهم وما اختزنوا من خبرات ومهارات، ومن إصدار البحوث والدراسات التي تعد منهلاً للتعليم في المعاهد والكليات الأمنية والعسكرية سواء في لبنان أو في الدول العربية الشقيقة.
وتخلل المؤتمر توزيع الدروع التقديرية على المشاركين.